ابن الشيبة عضو فعال
عدد الرسائل : 152 العمر : 38 العمل/الترفيه : سكرتارية تفيذية المزاج : مسطول ومنتبة تاريخ التسجيل : 14/01/2009
| موضوع: ليتة لم يعد... الأحد مارس 08, 2009 4:08 pm | |
| قصة قصيرة : ليته لم يعد للكاتب اليمني : محمد عبد الولي
النص :
[center]ترددت الصرخات من جانب الجبل .. ولم يكن في القريه سوى أطفال ونساء مسنات أما .. الرجال والنساء القادرون علي العمل فكانوا في الحقول , وردد الصدى أصوات مبهمه .. ومن الوادي كان رجال يحملون نعشاً تمدد عليه شبح إنسان .. لم يكن قد مات بعد . القريه تحتويها شمس كئيبة .. ورج تصر والأرض ظمأى تنتظر المطر والسماء لاتنذر بشئ .. العام عام آخر من القحط .. تهز العجائز رؤوسهن . _ لم أر اشد من هذه الأعوام . _ كانت أيامنا ايام خير . _ وتهمس نساء . _ لقد هاجر الرجال
وكانوا يعودون , ولكن علي أكتاف رجال آخرين .. الأن النعش يزحف في عوارض الجبل ببطء.. العرق يتصبب من وجوه الرجال .. وكانت أصوات لاتزال تسمع .. قالت احداهن : _ هل تسمعون الصوت ...
ولم يحمل الهواء سوى مقاطع مبهمة , العرق لايشبع عطش الأرض , ولكن الرجال يتميزون بإصرار في منح الأرض اليابسة مزيداً من عرقهم .
وردد الجبل الصدى .. _ أوه .. أواه .
كان المنزل مغلقاً حتى الطفلين كانا مع امهما في الأرض اليابسه. كانوا ثلاثه .. أماً وطفلين أرهقهم العمل .. جلست لتمسح عرق جبينها وشرب الطفلان ماء .
وصل سمعهم الندا ..... _ هل عاد .... صاح الطفلان : إنه أبونا .. يقولون إنه أبونا في الطريق إلى القريه . ركض الأطفال نحو الجبل . وجمعت المرآه أشياءها القليلة وعادت لتستقبل زوجها العائد في أعماقها ضربات سرور .
لقد عاد أخيراً في رحلة استمرت أعواماً لم تعد تذكرها .. إنها بعمر صغيرها الذي راح يركض نحو الجبل لايعرف حتي شكل ابيه . حملق الأطفال في الرجال القادمين كانوا يسبحون في عرقهم , وسمعوا صوت أنين خافت من علي النعش .
سأل الصغير بقلق . _ من هو أبونا ؟_
كان الكبير حائراً , إنه لايتذكر وجه أبيه فقد غاب عنه ذلك الوجه منذ أن انعطف قبل سنوات من إحدى منحدرات الجبل وكان أخوه لايزال قابعاً في بطن أمه .
نظر الرجال بصمت إلى الأطفال وتجمعت النسوه فوق منازل القريه . وحمل النسيم أصوات نساء . _ لقد عاد . _ يقولون إنه مريض . إنه محمول علي جنازة ._ _ لقد أصابه شيطان البحر
كانت توقد المدفأة وتعد بقلب راجف قهوة للرجل القادم . نظرت إلي نفسها صدفة في مرآه محطمة .. كانت خائفه لقد عجزت ولم تشعر .. بدأ من فوق دارها خيط من الدخان ستعد له عشاء دافئاً . ذهبت تجري إلى ديمتها.. أخرجت من تحت سريرها الخشبي القديم وعاء أسود , احتفظت فيه بكل ماجمعت من السمن .. حرمت نفسها وطفليها للعائد الذي اقترب موعد وصوله .
كان الأطفال يتهامسون . _ لماذا هو علي النعش ؟ _ أجاب الكبير . _ لأنه متعب..
سمعت أصوات رجال علي السلم . _ أحمل من تحت . _ بهدوء . _ لاتجعله يهتز ... لعلهم يحملون أشياءه التي أتي بها معه وسمعت صوت طفليها من خلفها. _ إنه مريض .. إنه محمول علي جنازة . لم تشعر بأن يدها كانت تلمس ناراً تجمدت عيونها علي الظلام , وفي أعماقها كان يتفجر شئ غامض .. مخيف لاتعرفه . صوت الرجال لايزال علي الدرج المظلمة . _ أين نضعه ؟ _ هناك في غرفة النوم . _ لا .. لا .. الأفضل في الفرش . _ هناك هواء أكثر . وصاح أحدهم . _ أين أنت يازوجة ؟
لم تكن هناك .. أحقاً إنه لم يعد ... أحقاً أن مايحدث هنالك تحت هو شئ واقعي .
غاب كل شئ عنها .. حتى عيون طفليها الفضوليين .. عاد الرجال لإلى القرية وكانت النساء يتحدثن عن أزمه القرية . _ ماذا ستصنع الآن زوجته ؟ _ لعلها ستعتني بزوجها . يقولون إنه لا يملك شيئاً _ .. لقد سرق الأطباء كل نقوده _. همست عجوز : _ لقد سحرته امرأة في المدينة .
نظرت إلى الزاوية حيث ممدود , كان عظمياً أسمر , لاشئ من ذلك الرجل عيناه فقط تدلان علي أن الوجه له . حملق الأطفال في الجسد الممدود .. لم يتخيل الصغير ان هذا أبوه .. لقد رسم له في اعماقه صورة أخرى عملاقة قوية , عاطفية كان كالأغنيه التى كانت أمه ترددها وهي تطحن مساء حبوب الشعير .
أما الكبير فلم يكن يعرف ماذا يفعل .. ظل مبهوراً ساعات , أبوه الذي قبله لم يكن هو هذا الممدود هنا , لعل الرجال في الوادي أخطؤوا ونقلوا إليهم شخصاً آخر . ولكن أمه صامتة لاتتحدث أنها تنظر إليه لعلها لم تتبين الخطاء .. .. _أماه .. إنه .. ليس . وقاطعه صوت أنين . _ أريد ماء .. ماء .. ماء جرت الأم إلى زير الماء .. اقترب الطفلان من الجسد . حتي العيون أغمضت .... لم تترك الأم مكاناً لولي إلازارته, ولا سيداً إلانذرت له , ولا مسجداً إلا وأعطت من يقرأ فيه القرآن , حبوباً وسمناً ولبناً . ولكنه ظل علي السرير , لاتتحرك عيناه تزوجت بالسقف , ورأسه لاتتحرك ولكنه لم يمت
انني لطالما اتذكر هذه القصة التي درستها في كتاب البلاغة في الثانوية العامة وتذكرت تلك المعاناة التي يعيشها المغترب فلقد اراد الكاتب ان يلمس قضية الهجرة والاغتراب بهذه النصوص والكلمات الرائعة اتمنى ان تنال القصة إعجابكم منقوووووول
*ارجوا من الاخوان الاطلاع والقراءة والاستفاده من كتب وكتابات هذا الصرح الادبي اليمني والذي يتمثل بالكاتب الراحل محمد عبدالولي لة عددت كتب وروايات منها الارض ياسلمى يموتون غرباء وغيرها
[/center] | |
|
نمر زباد عضو فعال
عدد الرسائل : 305 العمر : 65 المزاج : فارس تاريخ التسجيل : 19/12/2008
| موضوع: رد: ليتة لم يعد... الإثنين مارس 09, 2009 10:04 am | |
| انني لطالما اتذكر هذه القصة التي درستها في كتاب البلاغة في الثانوية العامة وتذكرت تلك المعاناة التي يعيشها المغترب --------------------- اخي ابن الشيبه ان ماجاء في سطر كلاماتك اعلاااااااااااااااه هي قصه لوحدها فانته قلتها بعفويه انك تذكرة معاناة المغترب والتذكرهو جز من المعايشه خصوصا عندما تستحضرهذه المعايشه في حسك ونفسك ووجدانك وتخرج بانطباع فيه ادراك لمعاناة الغير وخصوصا المغترب** اما ماجاء في القصه فهو تصوير لواقع يعيشه كثير من الناس الذينا يهاجرون من بلدانهم الي المهجروهم ينضحون بروح الشباب **وللاسف ويعودون لوطنهم هياكل عضميه بعد ان يستنزفهم البعد عن الاهل ولولد وشقاء التكبد في العمل ** اخي ابن الشيبه اشكرك دايما علي كل شي جميل شاركتنا فيه بحسك الجميل الذواق وتقبل تحياتي نمر زبااااد | |
|
ابن الشيبة عضو فعال
عدد الرسائل : 152 العمر : 38 العمل/الترفيه : سكرتارية تفيذية المزاج : مسطول ومنتبة تاريخ التسجيل : 14/01/2009
| موضوع: رد: ليتة لم يعد... الإثنين مارس 09, 2009 11:38 am | |
| اشكرك اخي نمر زباد على قراتك ومرورك | |
|