سقطرى - عبدالعزيز الصراري جزيرة سقطرى جزيرة استثنائية في زمن لم يعد للاستثناء فيه وجود من حيث التنوع الكبير في نباتاتها ونسبة الأنواع المستوطنة فيها، يصفها البعض بأنها آخر مستودعات الطبيعة البكر في الأرض.. تحتضن أكبر مجمع للتنوع النباتي في العالم، وملجأ للنباتات التي استطاعت البقاء والعيش ومقاومة الزمن وسنينه والمناخ وتقلباته.. الاهتمام فيها فاق كل تصور وصارت محط عناية لمحميات المحيط الحيوي الذي تم إقراره من قبل برنامج الإنسان، والمحيط الحيوي النابع لمنظمة اليونسكو.. عندما تطأ قدماك أرضها البكر وتتجول في شطآنها وسهولها وجبالها تصيبك الدهشة من هذا الكنز ومحتوياته الثمينة.. نباتات وبكميات هائلة لا وجود لها على سطح الأرض إلا في هذه الجزيرة الأسطورية.. طيور محلِّقة ومغردة بأحجام مختلفة، وألوان بديعة قلما نجد لها مثيلا في أي محمية طبيعية على ظهر الكوكب.. مخزون طبيعي وبحري ثري تحتويه تربة هذه الجزيرة المباركة، حافظ على وجوده في مكانه ملايين السنين ليكون بمثابة متحفاً طبيعياً للأجيال المتعاقبة على الأرض.. كنز متفرد وبهكذا ثراء ألا يحق له أن يكون محط اهتمام وعناية من قبل كل سكان الأرض.
يؤكد مسؤولو مركز حماية البيئة في الجزيرة أنه يوجد في الجزيرة أكثر من 950 نوعا من النباتات، منها 307 نباتات نادرة على المستوى العالمي، فيما لا يزال البحث جاريا لأنواع أخرى من النباتات في الجزيرة.
ولهذا الغرض أسست الهيئة العامة لحماية البيئة في الجزيرة قسما يسمى قسم الأبحاث والمراقبة البرية "المعشبة"، ويعد هذا القسم بمثابة متحف وطن خاص بنباتات سقطرى، ينوي حصرها في الجزيرة واكتشافها ووضع دراسات عليها وتصنيفها من قبل الباحثين المحليين والدوليين وتوثيقها والحفاظ عليها من العبث وصيانتها، خاصة كما يؤكد مسؤولو المركز أن هناك سائحين يقومون بجمع عشوائي لعيِّنات من النباتات دون علم ومعرفة. ويبين مسؤولو المركز أن من هذه النباتات والأشجار ما هو طبي يمكن أن يدخل في الصناعات الدوائية، ومنها ما هو عطري يمكن أن يدخل في صناعة العطور، منها: البنفسج والعنبر وورد الصحراء وشجرة دم الأخوين، وقد حافظت هذه النباتات والأشجار على بقائها؛ لأنها تنمو في منحدرات وأماكن لم تستطع الأغنام الوصول إليها. ويشير مسؤولو مركز حماية البيئة في جزيرة سقطرى أنهم قد دخلوا في علاقات تنسيق مع العديد من المراكز البحثية في الجامعات اليمنية وكلية الصيدلة، وطلب المركز منهم عمل دراسة للأنواع النباتية الطبية. ويؤكد مسؤولو المركز أنه قد اكتشفت مؤخرا أربعة عشر موقعا خاصا بنباتات "دفلند ديسكراس" بمرتفعات جبر "حجهر" الذي يصل ارتفاعه عن سطح البحر إلى 1500 متر ويبعد خمسة وعشرين كيلومترا عن عاصمة الجزيرة "حديبو". ومن بين مهام المركز القيام بأعمال المراقبة البرية لغرض إكثار أنواع النباتات المستوطنة في المشتل الرئيسي، والذي يسمى بـ"مشتل أديب" ومحمية "جمهل" و"دكسمه". كما يقوم المركز بمكافحة البناتات الداخلية، وهي من خمسة وعشرين نوعا من النباتات.
من الأمور المدهشة أن جزيرة سقطرى تعد واحدة من الأماكن القليلة في العالم التي حافظت على بقاء النباتات، ويرجع ذلك إلى محدودية ممارسة السكان التقليدية، لكن هذا الأمر لن يستمر على ما يبدو، فقد بدأت حركة تطوير نشطة في الآونة الأخيرة في الجزيرة الأمر الذي يهدد بالتغير في الغطاء النباتي للجزيرة.
إن انقراض النباتات في الجزيرة سيمثل كارثة على الأرض، ولهذا فإن مسألة الحفاظ على التوازن البيئي وحماية الغطاء النباتي في الجزيرة باتت قضية ومسؤولية تعدت المستوى المحلي إلى المستوى الإقليمي والدولي، فالنباتات الموجودة في الجزيرة حافظت على وجودها مئات وآلاف وملايين السنين، ومن السهولة بمكان لعمل عشوائي همجي أن يبيدها في غضون أيام.
وعليه فإن عملية التطوير في الجزيرة يجب أن تتم بحذر تراعى فيها الخصوصية البيئية والنباتية للجزيرة ويجنب ما يمكن وصفه بالصراع بين التطوير والطبيعة، الأمر الذي يستلزم تنفيذ برامج تطويرية في الجزيرة تراعي الخصوصية النباتية والبيئية فيها.
وحسناً فعل مركز حماية البيئة عند ما شرع منذ فترة بتنفيذ برنامج توعوي مزدوج لمختلف الشرائح الاجتماعية في الجزيرة للتلاميذ في الساحل والبادية والصيادين والمواطنين والمسؤولين ولرعاة الأبقار والماعز، جوهر البرنامج يتركز على المواءمة بين التنمية والحفاظ على البيئة.
</TD></TR></TABLE>
سقطرى.....آخر مستودعات الطبيعه البكر في الارض !!!!